التسويق الشبكي و التسويق الهرمي … الخديعة الكبرى!

التسويق الشبكي

التسويق الشبكي – تبدأ الحكاية كالتالي: تأتيك رسالة أو مكالمة من أحد أصدقائك القدامى يستفسر فيها عن أحوالك ثم يرفقها بعبارة: “هل سمعت عن شركة كذا؟ هذه الشركة تجعلك تحقق أحلامك و تربح الملايين بعمل بسيط للغاية…” و غيرها من الخزعبلات الأخرى. لا يوجد من لم يسمع بهذه الحكايات أو على الأقل أشخاص مقربين منك قد سمعوا عنها. إذا تعرضت لهذا الموقف ننصحك أن تبتعد عن هذه الحكايات نهائيا إذا لم تكن تريد أن تتعرض ضحية للنصب و الاحتيال، و هذا ما سنشرحه لق في هذا المقال.

نبذة تاريخية:

لابد و أن نعرف من أين جاءت هذه الفكرة لأول مرة لكي نفهم بالتفصيل الخدعة الكامنة ورائها بشكل سهل و بسيط.

بدأت الحكاية في أوائل اقرن العشرين على يد إيطالي يدعى “تشارلز بونزي”، الإيطالي الذي أعاد توزيع المال في الولايات المتحدة الأمريكية و الذي انطلق بدولارين و نصف فقط.

في عام 1903 انطلق الإيطالي إلى الولايات المتحدة الأميركية على أمل العمل و الثراء، بعد سنوات من التنقل بين وظيفة و أخرى و بعد قضايا احتيال تعرض إثرها على السجن لمدة ثلاثة سنوات، خرج منها و عاد إلى العمل من جديد لكن هذه المرة مع فكرة لامعة.

في تلك الفترة ابتكرت وكالات البريد بطاقات (كوبونات) دولية تُمكّن الناس في أي دولة من التواصل بسهولة -عبر الرسائل المكتوبة- مع الأصدقاء والعائلة في الولايات المتحدة، تساوي كل منها ما قدره عدد محدد من طوابع البريد، لكن تلك الكوبونات كان بها فارق سعر واضح بين الدولار مرتفع السعر وقتها والعملات الإيطالية، وتشبه الفكرة أن تشتري العملات في مكان ما تكون فيه رخيصة ثم تبيعها في مكان آخر يكون سعرها فيه أعلى بهدف تحقيق الربح، هنا وجد بونزي أنه يمكن لك، بدولار واحد، في إيطاليا، أن تشتري من تلك الكوبونات عددا أكبر مما يمكن أن تشتريه في الولايات المتحدة.

التسويق الشبكي

  بدأت تجارة بونزي البسيطة في 1919، و بمبلغ بسيط في البداية استطاع أن يحصل على ربح بقيمة 45% و أن يضاعف أي مبلغ في ثلاثة أشهر. شرع بعد ذلك في إقناع أصدقائه و المقربين منه على الاقتراض و استطاع في وقت قصير أن يحصل على 10,000 دولار أمريكي.

نجاح بونزي في إعادة المال بعد ثلاثة أشهر فقط إلى عملائه بفائدة بقيمة 100% جعلت الجميع يقتنعون بالانضمام إليه و إقراضه المال و هكذا بدأ الناس بالتدفق إلى مكاتبه بشكل مهول و كان يحصل في اليوم الواحد على 250,000 دولار أمريكي من المشتركين الجدد.

أصبح بونزي فاحش الثراء لدرجة أنه اشترى بيتًا كبيرا و وضع به أثاث بقيمة 500,000 دولار أمريكي، و هو مبلغ صعب الحصول عليه بأسعار القرن العشرين، و كان أغنياء ذلك الزمان يعتبرون فقراء أمام بونزي.

التسويق الشبكي

الأرقام الذي حققها الإيطالي جعلته محط أنظار الصحافة الأمريكية و بالأخص جريدة بوسطن بوسط التي هاجمته مرتين، الأولى تساءلت فيها الصحيفة و رجال الشرطة: “كيف يمكن لأحد أن يحقق كل تلك المكاسب الطائلة؟”، بعد بدأ التحقيقات حاول الناس استرجاع أموالهم و كان لهم ذلك بتوزيع 3 ملايين دولار في 3 أيام ليطمئن عندها العملاء.

الهجمة الثانية و القاضية تساءل فيها محررو البوسطن بوست ببساطة عن مصير أموال بونزي و لماذا يضعها في بنوك تمنحه فوائد قليلة، و تترجم ثروته 600 مليون كوبون بريدي في حين لا يوجد في العالم أجمع سوى 27 ألف.

انهال الناس أيضا هذه المرة على مكاتبه، و بعد توزيع 6 ملايين دولار توقفت الأموال مع مطالبات ب10 ملايين أخرى، وفعلا تم سجنه بدعوى الاحتيال على الناس.

التسويق الشبكي

النبذة التاريخية كانت طويلة بعض الشيء إلا أنها مهمة للغاية لفهم الاحتيال وراء ثروة بونزي، من هنا نشأ ما يعرف التسويق الهرمي و الشبكي وغيرها من الأسماء، و هي أسماء مختلفة جميعها تغطي الاحتيال.

الأموال التي كانت بحوزة بونزي تعني وجود 600 مليون كوبون و لم يكن يتوفر في العالم أجمع سوى 27 ألف كوبون، فمن أين يأتي بالأموال المستثمرة و كيف يعيد للزبائن أموالهم؟ لم يحتج بونزي إلى التجارة أو إلى أي نوع من الأعمال على الإطلاق، فقد كان يدفع للمستثمرين القدامى أموال المستثمرين الجدد، و لهذا كانت فكرة الكوبونات غطاء للاحتيال.

الفكرة بسيطة، لنفترض أن أحدهم يعرض عليك أن تعطيه 1000 دولار ثم سيعيدها لك 2000 دولار بعد ثلاثة أشهر، إن ألف دولار هي مبلغ هيّن خاصة أن الذي يتحدث معك يقدم عرضا مقبولا ومعقولا بلغة التجارة، حيث يقول إنه يتاجر في شيء ما أنت تعرف أن له بالفعل أرباحا واسعة (كوبونات البريد هنا)، بعد ثلاثة أشهر سيطلبك هذا الشخص للحضور والحصول على أموالك، ويعرض عليك أن تستمر في الاستثمار أو لا، كما تحب، هنا لن تستمر في الاستثمار فقط، بل ستدعو أصدقاءك وأقرباءك وزملاء العمل.

أنت والعملاء الآخرون في تلك السلسلة تمثلون الطبقة الأولى، سوف نفترض أن هناك 16 عميلا فقط في المرة الأولى، وسوف نفترض أيضا أن كلًّا منهم قد أخبر شخصين فقط بذلك الكنز الاستثماري، هنا سيكون العدد الجديد هو 32 جديدين مع 16 سابقين يودون الاستثمار مع بونزي، هذه هي الطبقة الثانية، خلال فترة قصيرة يحين وقت إعطاء الفوائد للطبقة الأولى، لكن بونزي لا يحتاج إلى الاستثمار، ولم يحتج إليه يوما، لقد كانت فكرة الكوبونات هي فقط تغطية مثالية، حيث يمكن له فقط أن يأخذ من ودائع الطبقة الثانية ليعطي أفراد الطبقة الأولى.

و بالحديث المتواصل بين الناس عن وعود بونزي الصادقة و قدرته على الدفع في الوقت المحدد و بالقيمة المتفق عليها سلفًا، سيتدفق الناس نحوك بالملايين للاستثمار، وكلما تكونت طبقة جديدة استخدم أموالها لإعطاء سكّان سابقتها أرباحهم، ثم يأخذ الفائض لنفسه.

تقف سلسلة بونزي في اللحظة التي يقف فيها تدفق العملاء، قد يكون ذلك بسبب هروب المحتال نفسه، أو بسبب التشبع، فقد تصاعدت السلسلة لأعداد لا يمكن أن تستمر بعدها، أو بسبب أحوال اقتصادية كارثية، أو فضيحة خاصة بشركات بونزي نفسه أيا كان، ما يتسبب في أن يطالب العديد من المستثمرين بأموالهم خصوصا المشاهير و رجال الحكومة، يوقف ذلك السلسلة فتنهار كل طبقاتها فوق بعضها البعض بسرعة و في أيام معدودات.

شركات التسويق الشبكي والهرمي:

هناك العديد من شركات التسويق الهرمي في العالم و كذلك في عالمنا العربي أيضًا، و لا يوجد من لم يصادف أشخاصا يدعونه إلى الانضمام إلى إحدى هذه الشركات المخادعة عبر الوعود الوردية بالثراء السريع في فترة وجيزة، بل و يحاولون إغرائك بأنهم لا يعملون بمبدأ التسويق الهرمي بل الشبكي و يدعون العديد من الأشياء مثل قولهم “أننا نروج للمنتجات عبر العملاء فنكسب عدد تجار أكبر، ونتخطّى حاجز تجار التجزئة”، لكن على الرغم من كل ذلك اللغط، والدخول في شوارع جانبية أثناء محادثاتهم معك، هناك عدد من العلامات الواضحة التي ستكون مُميِّزة دائما لكل نشاط احتيالي من هذا النوع. هذه العلامات هي:

  1. الحلم بالثراء السريع
  2. الانضمام إلى الشركة يتم إما عبر دفع الاشتراك بقيمة كبيرة أو تسويق منتجات.
  3. المنتجات المسوقة غير معروفة بشكل كبيرة و ذات خامات تصنيع سيئة للغاية، و المهم أنها تباع بأسعار غالية.
  4. إقامة مؤتمرات بها العديد من الأحلام الكاذبة بأساليب التنمية البشرية.

إذا لاحظت أيا من العلامات السابقة في أية وعود لشركات أو أشخاص فننصحك بالابتعاد تماما عن المعاملة معهم لكي لا تقع ضحية للنصب و الاحتيال.

و كتجربة شخصية فقد تلقت دعوة عدة مرات من شخصين ألحا علي لأنضم لهذه الشركات، لكنني رفضت جميع الدعوات جملة  و تفصيلا بعد عدة إستفسارات على إثرها وجدت الثغرة التي قادتني لإكتشاف الإحتيال في عمل هذه الشركات، و لعدة أصدقائي أيضا تجارب في هذا المجال، كما صادفتني أثناء كتابتي للموضوع العديد من التجارب للجزائريين حول هذا الموضوع عبر شبكات التواصل الإجتماعي مثل التعليق أدناه

التسويق الشبكي

رأي الدين الإسلامي في التسويق الشبكي:

وفقًا لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية و موقع الشيخ فركوس، فقد تم تحريم التسويق الشبكي لشبهات المقامرة و الربا و الاحتيال في المعاملات التي تتم في هذه الشركات.

جاءت فتوى لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف:

“فلبيان حكم التسوق الشبكي لابد من الوقوف على مفهومه ومعناه الحقيقي لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فيقصد بهذه النازلة الاقتصادية الواسعة الانتشار ( التسويق الشبكي ) برنامج تسويق يحصل فيه المسوق على عمولات أو حوافز مالية نتيجة لبيعه المنتج أو الخدمة، إضافة لحصوله على عمولات عن كل شخص يتم اعتماده كمساعد أو تابع للمسوق وفق أنظمة وبرامج عمولات خاصة. وعرفها الدكتور رفيق المصري بالتسويق بعمولة هرمية.

ومحصلة هذه المعاملة هي أن يدفع المستهلك مبلغا من المال (قيمة المنتج) لينال عوضا عنه مبلغا آخر أكبر منه (العمولات).

ومن خلال هذا البيان لمعنى التسوق الشبكي يتجلى بوضوح أن المنتج الذي تسوقه هذه الشركات ما هو إلا ذريعة للحصول على الأرباح والعمولات، أي أن العمولة هي محور هذه العملية وليست السلعة. ولما كانت هذه حقيقة هذه المعاملة فإنها معاملة محرمة شرعا للأمور الآتية:

أولاً: أنها تضمنت الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغًا قليلاً من المال ليحصل على مبلغ أكبر منه فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو  عين الربا المحرم شرعا، ولا عبرة بالسلعة التي تبيعها الشركة للعميل لأنها غير مقصودة من هذه العملية، وقد تكون هذه المعاملة أشد قدحا من الربا لأن الربا هي مبادلة مال بمال أكثر منه تحقيقا، أما هذه المعاملة فهي مبادلة مال بمال أكثر منه تعليقا على الأوهام، لأن النسبة القليلة جدا هي من تحقق هذا الربح، وهذا يعني أن المعاملة تشتمل أيضا على القمار.

ثانيًا: تعد هذه المعاملة نوع من أنواع القمار والمسير الذي حرمه الله تعالى بمحكم القرآن، قال تعالى:((ياأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تتقون))، وتحقيق المناط في هذه المسألة يقتضي أن دور السلعة ملغي ولا عبرة به، لأن قصد المشترك لم يتعلق بالسلعة وإنما تعلق بعمولة التسويق، وتصوير المسألة هو كالآتي:

أن تدفع مبلغا مقابل أن تحصل على مبالغ متوقعة قد تأتي وقد لا تأتي فهو يتردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وهذا هو عين القمار المحرم شرعا، وهذا فضلا عن أن الاقتصاديين قد حكموا بحتمية الخسارة لمن هم في المستويات الدنيا من الشبكة أو الهرم  .

ونسأل الله تعالى أن يرينا الحلال حلالاً ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

والله أعلم”

أما موقع الشيخ فركوس فتناول الفتوى حول التسويق الشبكي كالتالي:

“الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإذا ظَهَر أنَّ نظام التسويق الشبكيِّ للشركات العالمية يتعامل بهذا الأسلوبِ في تسويق مُنْتَجاتها فإنه ـ والحالُ هذه ـ تقترن به عدَّةُ محاذيرَ شرعيةٍ يمكن إبرازُها على النحو التالي:

المحذور الأوَّل: اشتمالُ هذه المعاملةِ على الغرر والميسر والمقامرة المحرَّمة شرعًا؛ ذلك لأنَّ المُشترِك لا يُسْهِم في التسويق الشبكيِّ إلَّا بغرض العوض الماليِّ على جلب الزبائن المُشترِكين، وتزيد عمولتُه ويربح أكثرَ كلَّما أحضر عددًا أكبرَ مِنَ الزبائن وحقَّق شروطَ الشركة، أو قد تنقص عن المبلغ الأوَّل الذي دَفَعه، وإذا ما فَشِل في مَهَمَّته خَسِر المبلغَ كُلَّه، وبين حالتَيِ الربح والخسارة يجهل المُشترِكُ ـ حالَ إسهامِه في التسويق الشبكيِّ أو الهرميِّ ـ هل يكون غانمًا أو غارمًا؟ وهذه الجهالةُ تجرُّه ـ في تعامُله هذا ـ إلى الولوج في باب الغرر المنهيِّ عنه في حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ». وغيره مِنَ الأحاديث الصحيحة الشاملة للغرر والميسر والمقامرة.

المحذور الثاني: اشتمالُ هذه المعاملةِ على الرِّبا الخفيِّ وهو رِبَا البيوع بقسمَيْه: رِبَا الفضل ورِبَا النسيئة؛ ذلك لأنَّ المعلوم أنَّ البضاعة التي هي مَحَلُّ التسويق الشبكيِّ ليسَتْ مقصودةً في ذاتها، وإنما هي مُستعمَلةٌ كقناعٍ يُتذرَّع به للحصول على المبالغ المالية مِنْ عمولات الزبائن التي قد تفوق تلك البضاعةَ، ويؤكِّد معنَى عدمِ إرادة تلك البضاعةِ في حَدِّ ذاتها أنَّ ثمنها المعروضَ في الشركة أغلى مِنْ قيمتها الحقيقية في السوق.

فإذا تَقرَّر أنَّ البضاعة أو السلعة ليسَتْ مقصودةً في ذاتها تأكَّد أنَّ المقصود الحقيقيَّ مِنْ هذا التعاملِ هو تسويقُ العمولات لا البضاعة أو السلعة، فيُسْهِم المُشترِكُ بدفعِ قليلٍ مِنَ المال ليحصل على مالٍ أوفرَ منه بكثيرٍ، فتتجلَّى صورةُ المبادلة على حقيقتها على الوجه التالي: بيعُ عمولةٍ نقديةٍ بعمولةٍ نقديةٍ مع حصول التفاضل بينهما والنسيئةِ تحت قناعِ أو ستارِ البضاعة أو السلعة أو المُنْتَجِ الذي تقوم بتسويقه تلك الشركاتُ، وقد أجمع أهلُ العلم على تحريمِ رِبَا البيوع بضربَيْه: الفضل والنسيئة. ومِنْ مُستنَدِ هذا الإجماعِ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ»

كما أنَّ هذه المبادلةَ لها شَبَهٌ قريبٌ ببيع العِينة حيث يكون المقصودُ منها التحايلَ على تحريمِ الرِّبا باتِّخاذِ عينٍ أو سلعةٍ للوصول إلى تحصيل الرِّبا تحت غطاء البيع، وقد وَرَد تحريمُه في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»

المحذور الثالث: اشتمالُ هذه المعاملةِ على ظُلمِ العبد لأخيه؛ ذلك لأنَّ التسويق الشبكيَّ يعتمد في ترويج مُنْتَجه أو سلعته على الدعاية المُغْرِية التي تخدع المُشارِكين بها وتُغْرِيهم بتحصيلِ أرباحٍ كبيرةٍ وعمولاتٍ فاحشةٍ في مُقابِل مبلغٍ يسيرٍ وهو ثمنُ المُنْتَج الذي تتوخَّى به الشركاتُ في الأصل ـ مِنْ خلال التسويق والمتاجرة المقنَّعة ـ تجميعَ أكبرِ قدرٍ مِنَ المُشترِكين؛ الأمرُ الذي يُفْضي ـ في الغالب الأعمِّ ـ إلى وقوعِ أكثرية المُشارِكين مِنَ الطبقة الدنيا مِنَ الشبكة الهرمية ضحيَّةً في شَرَكِ هذا الأسلوبِ التسويقيِّ الماكر بالغشِّ والتلبيس، في حينِ تتحقَّق أطماعُ الطبقة العليا الغانمة على حساب الأكثرية الغارمة، وهذه المعاملاتُ تدخل ـ بلا شكٍّ ـ في عمومِ قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾[البقرة: ١٨٨]؛ إذ «الخداع الذي هو مظنَّة أَنْ لا رِضَا به عند تحقُّقه فيكون مِنْ أكل المال بالباطل»٦)، كما تَشْمَله النصوصُ الشرعية الناهية عن الغشِّ والتدليس والتلبيس على الناس ونحو ذلك، وقد وَرَد في الحديث: «مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ».

Tagged: